بقلم د. حمد الصفيان
مسألة الحرمان لا تمكن في عدم الإنجاب؛ حيث إن هذا الأمر بيد الله عز وجل؛ فعلى الزوجين الرضا بقضاء الله وقدره، والإيمان بما قسمه الله لنا، وهذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي بل علينا العمل بالأسباب.
من هذا المنطلق أرى أن مسألة الحرمان تمكن في سلب حرية الزوجين وعدم إتاحة الفرصة لهما في تكيف حياتهما الخاصة؛ فهناك الكثير والكثير جدًّا كما ذكرت ممن ينصبون أنفسهم حكمًا أو مرشدًا ويعطون لنفسهم الحق في التدخل في خصوصيات الآخرين؛ إما بعذر القرابة أو الصداقة، ويزعمون أن تدخلهم هذا بسبب المحبة والحرص، وكل هذا لا يبرر لأي أحد حق صياغة حياة زوجين واستغلال ظروفها لإعطاء النصائح والتعليقات والإشارات التي لا تؤدي إلا إلى زيادة الضغوط النفسية، ولا دافع أساسيَّ لهذا سوى الفضول.
والحقيقة أن أي تدخل خارجي يؤثر سلبًا بشكل أو بآخر على الحالة النفسية للزوجين؛ فقد أثبتت الدراسة المستفيضة (الطبية والنفسية) ما لا يدع مجالاً للشك أن الضغوط النفسية وحالات القلق والكآبة تؤثر سلبًا على نتائج أي علاج للعقم وتقلل فرص الحمل الطبيعي عند الزوجين.
سيد البشر
لو نظرنا إلى تاريخنا الإسلامي لوجدنا أن خير البشر محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يرزق بذرية من عائشة أحب النساء إليه بعد خديجة رضي الله عنهما. وهي الوحيدة التي تزوجها بكرًا وكان يحبها كثيرًا، وعدم إنجاب عائشة لم يؤثر على حياتهما؛ فقد استمر حبه لها وحبها له ولم تشعر ببغض تجاه نسائه الأخريات بل كانت منبرًا في العلم والحديث.
فيا حبذا لو يضع كل زوجين حدًّا لتدخل أحد مهما كان في أمورهما الشخصية، خاصة في مسألة العقم والإنجاب؛ حيث إنه موضوع حساس وله تأثيرات نفسية قد تكون خطيرة على الزوجين.
بقي أن نؤكد أن الحياة لا تتوقف عند عدم الإنجاب ولا تبدأ عند ولادة الطفل؛ فالعمل على سعادة أطفال الوطن أجمع فيه سعادة لنا.
وعلى كل حال ومهما كان القرار لا بد أن يتحلى الزوجان ببعد نظر وواقعية وإيمان بالله لا تشوبه شائبة دون ضغوط خارجية.